الأربعاء، 30 مارس 2011

ميدان التحرير.. وجهة جديدة للسياح في القاهرة بعد ثورة 25 يناير



دعوات لتصميم نصب تذكاري للشهداء ومتحف مفتوح بالصوت والضوء وإقامة حفلات كرنفالية

الحشود تصدح بالثورة في الميدان الذي تحول إلى رمز لها

القاهرة: داليا عاصم
أنعش ميدان التحرير مسرح عمليات «ثورة 25 يناير» بالقاهرة، السياحة الداخلية في مصر، وأصبح الميدان مزارا سياحيا وتاريخيا يتوافد عليه يوميا آلاف المصريين من شتى المحافظات والأقاليم. لتستنشق أجواء الثورة التي لا تزال تتنفس بالميدان، في بقايا شعارات متناثرة على الأرصفة، والزوايا، أيضا استعادة مشاعر الثوار الذين أقاموا به ودافعوا عنه 18 يوما متصلة.
تربع ميدان التحرير على عرش أشهر ميادين العالم شهرة وصيتا، بعدما شهد مولد الثورة المصرية وانهيار نظام مبارك كما تميز باعتباره شهد أكبر ثورة بيضاء في التاريخ. وطيلة الأحداث احتل الميدان شاشات الفضائيات العالمية، ولا تزال عدساتها مصوبة إليه من زوايا أخرى. ولا يكاد يخلو الميدان من مئات الزوار من مراحل عمرية مختلفة، يلتفون حول النصب التذكاري الذي أقامه الثوار وقوامه مجموعة صور للشهداء أو يحاولون التقاط الصور التذكارية مع الدبابات والمدرعات التي لا تزال تطوق الميدان. ساهم في صعود ميدان التحرير أنه الأشهر في مصر، حيث إنه ملتقى لعدة شوارع رئيسية في القاهرة كما تحيطه العديد من الفنادق الفاخرة والمتوسطة أيضا وهو من أكثر الميادين حيوية ليلا ونهارا، وتوجد به العديد من المقاهي والمطاعم السياحية، إضافة إلى مقاهي المثقفين، كما أن الحركة لا تنقطع فيه على مدار اليوم.. إضافة إلى منطقة وسط البلد، التي تتفرع من الميدان وتعد بمثابة استراحة شعبية للمصريين من كد وعناء الحياة سواء على المقاهي، أو في عدد من المنتديات والمحافل الفنية، التي تقدم عروضا مسرحية، ومعارض متنوعة للفن التشكيلي. بعد نجاح الثورة تزايدت الدعوات من قبل خبراء السياحة والمعماريين والفنانين التشكيليين لتحويل الميدان إلى متحف مفتوح أو بانوراما للثورة تجسد أحداثها وتخلد شهداءها، والملحمة التي انتزع بها المصريون حريتهم وألهموا بها ثوار العالم. وأعلن الفنان محمد صبحي عن رغبته في إقامة نصب تذكاري على نفقته الخاصة لشهداء ثورة 25 يناير تكريما لهم، وذلك من خلال تعاونه مع مجموعة من الفنانين التشكيليين. ومن جانبه، دعا المهندس المعماري سيف أبو النجا، رئيس الاتحاد الدولي للمعماريين، رئيس جمعية المعماريين المصريين، إلى تحويل الميدان إلى متحف مفتوح يحكي أحداث الثورة منذ بدايتها وحتى نهايتها وذلك من خلال الصور وملابس الشهداء وصورهم، ولوحة تحكي قصة استشهاد كل منهم، ونبذة عن حياته وأحلامه، كذلك صرح بأنه يتم حاليا الإعداد لتنظيم مسابقة دولية عالمية لوضع تصور للميدان كمزار سياحي، على أن يتم تصميم جدارية ضخمة تجسد ملامح وتفاصيل الثورة فضلا عن نصب تذكاري يليق بالشهداء كما اقترح أن يتم ذلك على غرار مشاريع الصوت والضوء في الأهرامات والأقصر وأسوان. وأضاف مؤكدا أن أعضاء الاتحاد الدولي للمعماريين أعربوا عن رغبتهم العارمة في أن يعقد اجتماعهم في القاهرة رغبة منهم في زيارة الميدان الشهير. كما وجهت صحيفة «الوفد» المصرية المعارضة دعوة إلى تحويل ميدان التحرير إلى مزار سياحي، باستغلال السمعة والشهرة التي بات يتمتع بها الميدان الذي أصبح الأشهر في العالم والذي تتحدث عنه وسائل الإعلام العربية والدولية. وتنطوي الدعوة على الاحتفاظ بكل ما للميدان من قيمة معنوية مثل الكتابة بالأحجار التي أطلقها أتباع الحزب الوطني السابق «البلطجية» على الشرفاء في الميدان والرسوم الكاريكاتورية التي رسمها الثوار أثناء اعتصامهم، والمطالبة بوضعها جميعا في واجهات للحفاظ عليها. كما أطلقت عدة دعوات عبر موقع «فيس بوك» تطالب وزارة السياحة باستغلال المتحف المصري في إقامة نصب تذكاري للشهداء والعمل على استخدام شاشة عرض إلكترونية لبث تلك الفعاليات، مع الاستمرار في إصدار مجلة «ميدان التحرير» والإذاعة الخاصة بالميدان وإقامة فعاليات ثقافية وسياسية تشبه ساقية عبد المنعم الصاوي. وقال الخبير السياحي، حسن جمال الدين، الوكيل السابق لوزارة السياحة المصرية، لـ«الشرق الأوسط»: «الميدان مهيأ تماما لأنه يمتلك عددا من المقومات السياحية، حيث تتوافر به كافة الخدمات كما أنه يحتضن المتحف المصري أهم المتاحف الأثرية التي تجسد مراحل التاريخ الفرعوني القديم، لذلك فهي فرصة نادرة لأن يتعرف السائح على التاريخ العريق للحضارة المصرية وانعكاسها في الوقت الحاضر على الشباب المصري الذي قام بالثورة السلمية والشكل الحضاري الرائع الذي ظهروا به للعالم أجمع، من خلال نصب تذكاري للشهداء وجدارية فنية يمكن أن يكون مكانهما في قلب الميدان». واقترح جمال الدين أن يكون النصب على غرار النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر، قائلا: «إن هذا النصب التذكاري ما زال يلقى رواجا لدى السائحين من مختلف أنحاء العالم، لذا أتوقع أن يحظى نصب شهداء ثورة 25 يناير بقدر كبير من الإقبال والزيارات، خاصة أن العالم كله كان يتابع ما يحدث في التحرير حتى في أميركا الجنوبية، فعلى الرغم من الخسائر التي تكبدتها السياحة فإننا حصلنا على دعاية سياحية تقدر بالمليارات، فتحويل الميدان واستغلاله كمزار فكرة رائعة يجب استغلالها بسرعة». وتتوالى الدعوات بشكل يومي من رجال الأعمال المصريين وبالأخص العاملين في قطاع السياحة، بإقامة مهرجانات واحتفالات يشارك فيها شباب الثورة مع فنانين مصريين كدعوة لعودة السياحة إلى مصر تعبيرا عن عودة الاستقرار لمصر كبلد آمن. ويقول مايكل سمير، مدير إحدى الشركات السياحية بمصر، إنه ينوي وضع ميدان التحرير على قائمة المزارات السياحية التي يتضمنها أي برنامج سياحي خلال الفترة المقبلة خاصة أن كثيرا من العملاء الذين تتعامل معهم الشركة يعبرون عن رغبتهم الشديدة في زيارة الميدان. ويضيف مايكل ضاحكا: «بل يرغبون في تنظيم مخيمات للإقامة فيه مثل الثوار!! لذا أعتقد أن السياحة في القاهرة ستشهد انتعاشا حقيقيا إذا ما تم تجميل الميدان وإعداده لاستقبال الزوار والأهم من ذلك التسويق السياحي له. وأعتقد أن شهرته فاقت ميدان شارل ديغول بفرنسا وميدان فيتوريو بإيطاليا وغيرهما من أشهر الميادين العالمية». وتقول نيرة المزاحي، مرشدة سياحية: «الكثير من السائحين الذين يتواصلون معي عبر الإنترنت شغوفون ومهتمون جدا بزيارة الميدان الذي كانوا يمرون خلاله مرور الكرام أثناء زيارتهم للقاهرة، لكنهم الآن يتوقون لزيارة مصر والتجول في ساحته والتعرف على مداخله ومخارجه وتصور أحداث الثورة على أرض الواقع، لذا أعتقد أنه سيكون على قائمة البرامج السياحية في الفترة المقبلة وهو أمر يشعرني بالفخر دوما عندما أتحدث عن هذه الثورة العظيمة التي رفعت رأسنا في العالم كله».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق